الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***
(قوله فظهر بهذا إلخ) قال الرملي أقول: بخط شيخ شيخنا علي المقدسي كيف يكون ذلك وقد صرحوا في المتون بالفرق وفرعوا على كل قول أحكاما للآخر كفساد الفجر بتذكره وفساده بتذكر فرض قبله ا هـ. قلت وهو عجيب ونقل العلامة الرملي له أعجب وكأن منشأه الغفلة عن قول المؤلف إلا في فساد الصبح إلخ (قوله إلا في فساد الصبح بتذكره إلخ) أي وإلا في عدم إعادته لو ظهر فساد العشاء دونه عنده لا عندهما قال في المنظومة والوتر فرض ويرى بذكره في فجره فساد فرض فجره ولا يعاد الوتر إذ يعاد عشاؤه إن ظهر الفساد ا هـ. وإلا في فساده بتذكر فرض قبله (قوله لكن تعقب إلخ) عبارة الفتح قوله ولهذا وجب القضاء بالإجماع أي ثبت وإلا فوجوب القضاء محل النزاع أيضا والمعنى أنه صلاة مقضية مؤقتة فتجب كالمغرب ا هـ. وكان الحامل له على تأويل وجب بثبت أن إيجاب القضاء بدون إيجاب الأداء مما لم يعهد كما قاله في النهر متعقبا لما مر عن المحيط ولما أجاب به بعضهم عن الهداية أن المراد إجماع الأصحاب على ظاهر الرواية عنهم ونقل جوابا آخر أن المراد إجماع الصحابة لقول الطحاوي إن وجوبه ثبت بإجماعهم وإلى هذا يشير قول الفتح إن وجب بمعنى ثبت قال وهذا الجواب اختاره كثير من الشارحين ولا يخفى أن فيه عدولا عن الظاهر ا هـ. وفي شرح الشيخ إسماعيل والتحقيق ما في الفتح لما يلزم على ما ذكره في البحر من تفريق الأحكام ولهذا قال في المحيط وما ذكر في الجواب في ظاهر الرواية ظاهر على مذهب أبي حنيفة. رحمه الله تعالى (قوله لأن إمامه لم يخرج بسلامه عنده) فيه أنه إن رجع الضمير في عنده إلى المقتدي الحنفي فلا شك في أن هذا السلام عنده مخرج من الصلاة حتى جاز له بعده الكلام ونحوه وكذا إذا رجع إلى الإمام لأنه كذلك مخرج من الصلاة نعم عند الحنفي سلامه مبطل للصلاة وعند الشافعي متمم ومخرج منها ولعل المراد بقوله لم يخرج بسلامه عنده أي عند إمامه أي لم يبطل وتره لصحة فصله عنده ويكون هذا القول مبنيا على أن العبرة لرأي الإمام كما سيأتي نقله عن الهندواني وجماعة ويؤيده قوله كما لو اقتدى بإمام قد رعف (قوله مفيد لصحته إلخ) في هذه الإفادة نظر لأن القول بأنه يشترط لصحة الاقتداء بالشافعي عدم الفصل على الصحيح مفيد للخلاف عند عدم الفصل لا للاتفاق ولعل قوله على الصحيح سبق قلم وعبارة الفتح هنا هكذا وما ذكر في الإرشاد لا يجوز الاقتداء في الوتر بإجماع أصحابنا لأنه اقتداء المفترض بالمتنفل يخالفه ما تقدم من اشتراط المشايخ في الاقتداء بشافعي في الوتر أن لا يفصله فإنه يقتضي صحة الاقتداء عند عدم فصله ولا غبار عليها (قوله فلذا قال بعده) أي قال الزيلعي بعد كلام الإرشاد والأول أي اشتراط عدم القطع بالسلام أصح وفي ذلك إشارة إلى أن عدم الصحة إنما هو عند الفصل فقط ثم لينظر فيما علل به من عدم وجوب اعتقاد الوجوب على الحنفي فإن الظاهر أن من قلد أبا حنيفة رحمه الله القائل بوجوبه يجب عليه اعتقاد ذلك وإلا لما وجب عليه الترتيب بينه وبين غيره واللازم باطل كما لا يخفى على أنه قد مر عن المشايخ في الجمع بين الروايات أنه واجب اعتقادا أي واجب اعتقاده لأنه تمييز محول عن الفاعل وأما قول الأصوليين أنه لازم عملا لا علما فالمراد نفي العلم القطعي ولذا قال المصنف في المنار وحكمه اللزوم عملا لا علما على اليقين ويمكن حمل كلام الزيلعي عليه بأن يكون معنى قوله ليس بواجب عليه نفي الافتراض واليقين أي لا يفترض عليه اعتقاد الوجوب ليظهر الفرق بينه وبين الصلوات الخمس فإنها واجبة عملا وعلما أي يلزمه فعلها واعتقادها (قوله فلا يلزمه اعتقاد وجوبه) فيه ما مر فتدبر (قوله ولفظه إذا اقتدى إلخ) هذا كما يدفع قول الفتح يقتضي إلخ يدفع قوله أيضا لأنه بنيته إياه إنما نوى النفل إلخ لأنه يقال عليه أنه نوى صلاة مخصوصة عينها بالوترية وهذا كاف في صحة الاقتداء كما دلت عليه عبارة التجنيس هذه وقد دلت أيضا على أن قول التجنيس أولا أن الفرض لا يتأدى بنية النفل معناه إذا نوى صريح النفل كالسنة أو التطوع فالنية بعنوان الوترية ليست نية النفلية قال في النهر بعد تقريره لحاصل ما قلنا وإذا تحققت هذا ظهر لك أن قوله في البحر ما في التجنيس أولا في الفرض القطعي والوتر ليس كذلك غير صحيح إذ مفاده أن الوتر يتأدى بنية النفل وهو خلاف الواقع فتدبره ا هـ. وهو ظاهر وإن قال بعضهم أنه ليس بصواب بل مفاده جوازه بعنوان الوترية فتدبر (قوله والذي ينبغي إلخ) أقول: هذا خلاف الظاهر المتبادر من كلامهم بل المفهوم منه أن يقتصر على نية الوتر من غير تعيين وجوب وعبارة المحيط والبدائع صريحة في ذلك وإنما قالوا كذلك للاختلاف في وجوبه وسنيته فليس بواجب قطعا ولا بسنة قطعا فإذا أطلقه عن الوجوب يكون موافقا لكل من القولين ولا يخفى أن ما كان سنة وإن كان لا تضره نية الوجوب لكنه خلاف الأولى فكان الأولى عدم تعيين الوجوب سيما وقد قيل إنه فرض كما هو رواية عن الإمام كما مر قال في شرح المنية قال أبو بكر ابن العربي في العارضة مال سحنون وأصبغ من المالكية إلى وجوبه يريد به الفرض وحكي عن أبي بكر أنه واجب أي فرض وحكى ابن بطال في شرح البخاري عن ابن مسعود وحذيفة أنه واجب على أهل القرآن دون غيرهم والمراد بالوجوب الفرض واختار الشيخ علم الدين السخاوي المقري أنه فرض وعمل فيه جزاء وساق الأحاديث الدالة على فرضيته ثم قال فلا يرتاب ذو فهم بعد هذا أنها ألحقت بالصلوات الخمس في المحافظة عليها وفي المغني عن الإمام أحمد من ترك الوتر عمدا فهو رجل سوء ولا ينبغي أن تقبل شهادته ا هـ ما في شرح المنية فلا جرم قال المشايخ بنية الوتر فقط ليخرج عن العهدة بيقين فتأمل منصفا. (قوله لكنه تعقبه إلخ) حيث قال وهو بهذا اللفظ غريب والمعروف ما أخروه في السنن الأربعة عن يزيد بن أبي مريم عن أبي الجوزاء عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال: «علمني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر وفي لفظ في قنوت الوتر اللهم اهدني فيمن هديت» إلخ ثم قال في الفتح وهو أي إثبات الوجوب متوقف على ثبوت صيغة الأمر فيه أعني قوله اجعل هذا في وترك والله تعالى أعلم به فلم يثبت لي ا هـ. (قوله وإلا لوجبت هذه الكلمات) أي قوله اللهم اهدني فيمن هديت إلخ أو كانت أولى من غيرها مع أن المتقرر عند من استدل به من الحنفية اللهم إنا نستعينك إلخ وفي كلام المؤلف إجحاف لأن المشار إليه غير مذكور في كلامه بل ظاهره أن المراد بالكلمات اللهم إنا نستعينك وليس كذلك لما علمته من القولة السابقة ولحصول المناقضة في قوله لكن المتقرر عندهم لو حمل على ظاهره (قوله فإن صح النقل فنقول إلخ) فيه نظر لأنه يقتضي أنه لو صلاها أربع ركعات يكون مستحبا مع أنه قيد الاستحباب بما إذا كان غالب ظنه فساد ما صلى على أن فيه زيادة القعدة في الثالثة وهي مكروهة سيما مع ورود النهي تأمل (قوله فلو أتى بالثاني إلخ). أقول: قد قدمنا في باب الحدث في الصلاة الخلاف فيما يقضيه المسبوق هل هو أول الصلاة أو آخرها وأنه لا يظهر الخلاف في القراءة والقنوت لأن من قال يقضي آخر صلاته يقول إلا في حق القراءة والقنوت وعلى هذا فقنوته مع الإمام يكون في موضعه على كل من القولين فلو قنت فيما يقضي لا يكون تكرارا له في موضعه أما على الأول فظاهر وأما على الثاني فكذلك لما علمت من أنه جعل ما يقضيه آخر صلاته إلا في القراءة والقنوت وقد يجاب بأن شرعية القنوت أنها هي في آخر الصلاة حقيقة وحكما كما في غير المسبوق أو حكما فقط كما في المسبوق فإن ما يقضيه المسبوق بالنظر إلى ما أدركه مع الإمام آخر صلاته وما أدركه أولها حقيقة لأن الأول اسم لفرد سابق وبالنظر إلى صلاة الإمام يكون أول صلاته لأن ما أدركه مع الإمام آخر صلاة الإمام فيكون ما يقضيه أول صلاته تحقيقا للتبعية وتصحيحا للاقتداء لكنها أولية حكمية ويكون ما أداه مع الإمام أول صلاته حقيقة على النظر الأول وآخرها حكما على النظر الثاني وقد اعتبر الحكم في حق القنوت كي لا يؤدي إلى تكراره الذي هو غير مشروع وحينئذ فإذا قنت مع الإمام يكون قنوته في آخر الصلاة حكما وإذا قنت فيما يقضي أيضا يكون في آخرها حقيقة فلزم تكراره في موضعه الذي هو آخر الصلاة وأما مسألة الشاك فلم يلزم ذلك فيها لأن أحد القنوتين ليس في آخر الصلاة وكان مقتضى عدم مشروعية تكراره المنع ولكنه أمر به لما سيذكره المؤلف عن المحيط هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم (قوله فقد ذكر الكرخي إلخ) هذا مبني على ما سيأتي أن القنوت الواجب هو طول القيام دون الدعاء فما ذكر بيان لمقدار ذلك الطول (قوله وقال بعض مشايخنا إلخ) صححه الشيخ إبراهيم في شرح منية المصلي (قوله اللهم إنا نستعينك) زاد بعده في الدرر ونستهديك قال الشيخ إسماعيل كذا في المنبع وليس في المغرب ولا فيما أخرجه أبو داود في مراسيله وذكره في جامع الفتاوى والجوهرية والمفتاح بعد قوله ونستغفرك ا هـ ثم قال في آخر الدعاء وفي البرجندي المشهور عند الحنفية الختم عند قوله ملحق وليس في المشهور نستهديك ولا كلمة كله ا هـ. وزاد في الدرر أيضا بعد ونستغفرك ونتوب إليك قال الشيخ إسماعيل كذا في المنبع والتاجية وليس في الكتب المذكورة ا هـ. وزاد في الدرر أيضا ونخضع لك بعد قوله ولا نكفرك قال الشيخ إسماعيل كذا في مراسيل أبي داود وليس في المنبع وغيره مما ذكر ثم ذكر أن في بعض النسخ ونخلع ونسبها أيضا إلى الوانية ثم قال ولعله نخنع بالنون أي نخضع (قوله أصلا) قيد لقوله بدون القراءة لا لقوله لا يعتبر أي أنه إذا فقدت القراءة أصلا لا يعتبر وقيد به لأنه لو وجد من القراءة آية واحدة يكون الركوع بعدها معتبرا (قوله لكان نقض الفرض للواجب) قد يقال هو كذلك فيما لو عاد لقراءة السورة فإن أجيب بما يذكره المؤلف من أنه بعوده صارت قراءة الكل فرضا يقال عليه أنه لا يصير فرضا إلا بعد القراءة وأما قبلها فهو واجب فإذا رفض الركوع يكون رفض الفرض للواجب فيكون كرفضه للقنوت إلا أن يقال فرق بين ما هو واجب حالا ومآلا وما هو واجب حالا فرض مآلا فرفض الركوع لا يكون فرضا وإن كان قبل الشروع فيه واجبا ليس كرفضه إلى ما هو واجب على كل حال (قوله حيث يكبر فيه) كذا في شرح المنية لابن أمير حاج الحلبي ومشى عليه في متن التنوير من باب العيد والذي في شرح المنية للشيخ إبراهيم الحلبي أنه يعود إلى القيام فيكبر فيه فإنه قال لكن الفرق بين القنوت وبين تكبيرات العيد مشكل حيث ذكروا أنه لو تذكر أنه تركها وهو في الركوع يعود إلى القيام على ما أشار إليه في الكافي وكذا في تلخيص الجامع الكبير وصرح به في شرحه والذي ذكره في التلخيص أنه يجوز رفض ركن لم يتم لأجل واجب لم يفت محله فعلى هذا جاز رفض الركوع لأنه لم يتم لأن تمامه بالرفع لأجل تكبير العيد لأنه واجب لم يفت محله من كل وجه لأن الراكع قائم حكما فيقال القنوت أيضا كذلك ولم أر من تعرض للفرق والذي يظهر أنه كون تكبير العيد مجمعا عليه دون القنوت والله أعلم انتهى ويخالف هذا كله ما سيذكره المؤلف في باب صلاة العيدين حيث قال ولو أدركه في القيام فلم يكبر حتى ركع لا يكبر في الركوع على الصحيح كما لو ركع الإمام قبل أن يكبر فإن الإمام لا يكبر في الركوع ولا يعود إلى القيام ليكبر في ظاهر الرواية ا هـ. ومثله في شرح المنية لابن أمير حاج في باب العيد حيث قال وإن تذكر في الركوع ففي ظاهر الرواية لا يكبر ويمضي على صلاته وعلى ما ذكره الكرخي ومشى عليه صاحب البدائع وهو رواية النوادر يعود إلى القيام ويكبر ويعيد الركوع ولا يعيد في الفصلين القراءة ا هـ. وعلى هذا الذي هو ظاهر الرواية لا حاجة إلى إبداء الفرق بينه وبين القنوت لاتحادهما في الحكم والله أعلم. (قوله وفيه) أي في التجنيس (قوله ولا يخفى ما فيه) أي ما في كلام المجتبى ويمكن أن يقال المراد نفي الفرضية (قوله وهو الأولى) لعل وجهه كونه موافقا لقوله عليه الصلاة والسلام: «قولوا اللهم صل على محمد» إلخ لما قيل له كيف نصلي عليك ولهذا قال بعضهم إنها أفضل الصيغ وبها يخرج عن العهدة بيقين بخلاف غيرها. (قوله وقد أطال المحقق إلخ) أقول: ذكر الشيخ إبراهيم الحلبي جملة مما في الفتح إلى أن قال إن جميع ما ورد من قنوته صلى الله تعالى عليه وسلم وقنوت الخلفاء الراشدين وغيرهم مما اختلف فيه إنما هو قنوت النوازل فإنه محل الاجتهاد لأن حديث أنس: «أنه عليه السلام لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا» ونحوه مما عن الصحابة يثبته فإنه روي عن أبي بكر أنه قنت عند محاربة مسيلمة وكذلك قنت عمر وكذا علي ومعاوية عند تحاربهما وحديث أبي حنيفة ونحوه: «أنه عليه السلام قنت شهرا ثم لم يقنت قبله ولا بعده» ينفيه فوجب كون بقاء القنوت في النوازل أمرا مجتهدا فيه وذلك أنه لم يؤثر عنه عليه السلام أنه قال لا قنوت في نازلة بعد هذه بل مجرد العدم بعدها فيتجه الاجتهاد بأن يظن أن ذلك إنما هو لرفع شرعيته ونسخه نظرا إلى سبب تركه عليه السلام وهو أنه لما أنزل: «ليس لك من الأمر شيء» وأنه لعدم وقوع نازلة تستدعي القنوت بعدها فتكون شرعيته مستمرة وهو محمل قنوت من قنت من الصحابة بعد وفاته عليه الصلاة والسلام وهو مذهبنا وعليه الجمهور قال الحافظ أبو جعفر الطحاوي إنما لا يقنت عندنا في صلاة الفجر من غير بلية فإذا وقعت فتنة أو بلية فلا بأس به فعله رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأما القنوت في الصلوات كلها عند النوازل فلم يقل به إلا الشافعي وكأنهم حملوا ما روي عنه عليه السلام أنه قنت في الظهر والعشاء على ما في مسلم وأنه قنت في المغرب أيضا على ما في البخاري على النسخ لعدم ورود المواظبة والتكرار الواردين في الفجر عنه عليه الصلاة والسلام ا هـ. ومقتضى هذا أن القنوت لنازلة خاص بالفجر ويخالفه ما ذكره المؤلف معزيا إلى الغاية من قوله في صلاة الجهر ولعله محرف عن الفجر وقد وجدته بهذا اللفظ في حواشي مسكين وكذا في الأشباه وكذا في شرح الشيخ إسماعيل لكنه عزاه إلى غاية البيان ولم أجد المسألة فيها فلعله اشتبه عليه غاية السروجي بغاية البيان لكن نقل عن البناية ما نصه إذا وقعت نازلة قنت الإمام في الصلاة الجهرية وقال الطحاوي لا يقنت عندنا في صلاة الفجر في غير بلية أما إذا وقعت فلا بأس به ا هـ. ولعل في المسألة قولين فليراجع ثم لينظر هل القنوت للنازلة قبل الركوع أو بعده وظاهر حملهم ما رواه الشافعي في الفجر على النازلة يقتضي الثاني ثم رأيت الشرنبلالي في مراقي الفلاح صرح بذلك واستظهر الحموي في حواشي الأشباه الأول وما ذكرناه أظهر. (قول المصنف ويتبع المؤتم قانت الوتر) أي ولو كان الإمام شافعيا يقنت بعد الركوع لأن اختلافهم في الفجر مع كونه منسوخا دليل على أنه يتابعه في قنوت الوتر لكونه ثابتا بيقين كذا في الدرر وصدر الشريعة وفي الشرنبلالية لا يخفى أن الشافعي يقنت باللهم اهدنا والحنفي باللهم إنا نستعينك فما يفعله فلينظر ا هـ. قال في حواشي مسكين والظاهر أن المتابعة في مطلق القنوت لا في خصوص ما قنت به ثم رأيت الشيخ عبد الحي ذكر طبق ما فهمته ا هـ. على أنه قدم المؤلف أن ظاهر الرواية أنه لا توقيت فيه (قوله ولهما أنه منسوخ) قال العلامة نوح أفندي هذا على إطلاقه مسلم في غير النوازل وأما عند النوازل في القنوت في الفجر فينبغي أن يتابعه عند الكل لأن القنوت فيها عند النوازل ليس بمنسوخ على ما هو التحقيق كما مر وأما في القنوت في غير الفجر عند النوازل كما هو مذهب الشافعي فلا يتابعه عند الكل فإن القنوت في غير الفجر منسوخ عندنا اتفاقا ا هـ. فعلى هذا فالمراد نسخ عموم الحكم لا نسخ الحكم (قوله لأن الساكت شريك الداعي) قال في الفتح مشترك الإلزام فإن الجالس أيضا ساكت فلا بد من تقييده مشاركته الداعي بحال موافقته في خصوص هيئة الداعي لكنه يقتضي أنه إنما يكون مشاركا إذا رفع يده مثله لأنها من هيئة الإمام إلا أن يلغي ذلك ويقال مجرد الوقوف خلف الداعي الواقف ساكتا يعد شركة له في ذلك عرفا رفع يديه مثله أو لا وهو حق (قوله أو لم يوتر أصلا) الظاهر أن العلة فيه عدم مراعاة الترتيب أي فلا يصح الاقتداء به في الفجر مثلا إن كان لم يوتر ولكن يتكرر هذا مع قوله وأن لا يراعي الترتيب فليتأمل ما المراد (قوله والشافعية لا ينحرفون هذا الانحراف). أقول: بل لا ينحرفون أصلا لأن مذهبهم أضيق من مذهبنا في هذه المسألة لوجوب استقبال العين عندهما وغاية ما يفعلونه أنهم يضعون اليدين على ما يحاذي القلب من جهة اليسار وبذلك لا يحصل انحراف أصلا لأنه بالصدر والوجه لا باليدين وأفاد شيخنا حفظه الله تعالى أن المراد انحرافهم إذا اجتهدوا في القبلة مع وجود المحاريب القديمة فإنه يجوز عندهم لا عندنا فلو انحرف عن المحراب القديم لا يصح الاقتداء به (قوله وهو) تفسير للشرط (قوله الأول أن يعلم منه الاحتياط في مذهب الحنفي) انظر هل المراد بالاحتياط الإتيان بالشروط والأركان أو ما يشمل ترك المكروه عندنا كترك رفع اليدين عند الانتقالات وتأخير القيام عن محله في القعود الأول بسبب الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وظاهر كلام الشيخ إبراهيم في شرح المنية الأول فإنه قال وأما الاقتداء بالمخالف في الفروع كالشافعي فيجوز ما لم يعلم منه ما يفسد الصلاة على اعتقاد المقتدي عليه الإجماع إنما اختلف في الكراهة ا هـ. إذ مفهومه أن الاختلاف في الكراهة عند عدم العلم بالمفسد والمفسد إنما هو ترك شرط أو ركن فقط ثم رأيت التصريح بذلك في رسالة في الاقتداء لمنلا علي القاري وأنه فيما عدا المبطل يتبع مذهبه وأن الاحتياط في المبطل فإذا فعل فهو جائز بدون كراهة وهذا هو المتبادر من سياق كلام المؤلف وعلى عدم الكراهة فهل الاقتداء به أفضل أم الانفراد قال الرملي لم أره وظاهر كلامهم الثاني والذي يحسن عندي الأول وربما أشعر كلامهم به وقد كتبت على شرح زاد الفقير للغزي كتابة حسنة في هذه المسألة فراجعها إن شئت وصورة ما كتبه عليه قوله جاز الاقتداء به بلا كراهة بقي الكلام في الأفضل ما هو الاقتداء به أو الانفراد لم أر من صرح به من علمائنا وظاهر كلامهم الثاني والذي يظهر ويحسن عندي الأول لأن في الثاني ترك الجماعة حيث لا تحصل إلا به ولو لم يكن بأن كان هناك حنفي يقتدى به الأفضل الاقتداء به وكيف يكون الأفضل أن يصلي منفردا مع وجود شافعي صالح عالم تقي نقي يراعي الخلاف به تحصل فضيلة الجماعة ما أظن فقيه نفس يقول به وربما أشعر كلامهم بما جنحت إليه والله تعالى الموفق. ا هـ. قلت: ويدل عليه ما في السراج حيث قال فإن قلت فما الأفضل أن يصلي خلف هؤلاء أو الانفراد قيل أما في حق الفاسق فالصلاة خلفه أولى فإنه ذكر في الفتاوى أن الرجل إذا صلى خلفه يحرز ثواب الجماعة لكن لا ينال ثواب من يصلي خلف تقي وأما الآخرون يعني العبد والأعرابي والفاسق وولد الزنا فيمكن أن يكون الانفراد أولى لجهلهم بشروط الصلاة ويمكن أن يكونوا على قياس الصلاة خلف الفاسق والأفضل أن يصلي خلف غيرهم لأن الناس تكره إمامتهم ا هـ وقد ذكر المؤلف في باب الإمامة أن هذه الكراهة تنزيهية وأنه ينبغي أن يقيد بما إذا وجد غيرهم ووجه الدلالة فيما ذكرنا أنه إذا كان شافعي تقي يحتاط لم توجد فيه علة الكراهة المذكورة هنا وإذا كانت أفضل خلف فاسق مع أنه غير مأمون على الدين فما بالك بشافعي تقي. والحاصل أن الظاهر ما قاله الرملي ويدل عليه أيضا نفي المؤلف الكراهة والظاهر أن المراد بها التنزيهية الثابتة في غيره (قوله الثاني أن يعلم) تقدم عن المجتبى أنه إن كان مراعيا للشرائط والأركان عندنا فالاقتداء به صحيح على الأصح ويكره وإلا فلا يصح أصلا (قوله في خصوص ما يقتدى به) أي بأن رآه احتجم وصلى من غير غيبة ولا إعادة وضوء فلا يصح الاقتداء به في هذه الصلاة لأنه علم منه عدم المراعاة في خصوص ما يقتدى به وقوله أو في الجملة أي بأن رآه صلى بلا إعادة الوضوء ثم رآه بعد ذلك يصلي فهذه الصلاة الثانية لم يعلم منه عدم المراعاة فيها لكنه قد علمه منه في صلاة غيرها فقد علم منه عدم الاحتياط في الجملة والقول بفساد الاقتداء في هذه الصورة أضيق من القول الأول (قوله وقال الهندواني وجماعة لا يجوز) أي بناء على أن المعتبر عندهم هو رأي الإمام قال في النهر وعلى هذا فيصح الاقتداء وإن لم يحتط ا هـ. وظاهره الجواز وإن ترك بعض الأركان والشرائط عندنا لكن ذكر العلامة نوح أفندي في حواشي الدرر أن من قال إن المعتبر في جواز الاقتداء بالمخالف رأي الإمام عند جماعة منهم الهندواني أراد به رأي الإمام والمأموم معا لا رأي الإمام فقط كما فهمه بعض الناس فإن الاختلاف في اعتبار رأي الإمام لا في اعتبار رأي المأموم فإن اعتبار رأيه في الجواز وعدمه متفق عليه ثم قال فالحنفي المقتدي إذا رأى في ثوب الشافعي الإمام منيا لا يجوز له الاقتداء به اتفاقا لأن المني نجس على رأي الحنفي وإذا رأى في ثوبه نجاسة قليلة يجوز له الاقتداء عند الجمهور ولا يجوز عند البعض لأن النجاسة القليلة مانعة على رأي الإمام والمعتبر رأيهم. ا هـ. ولكن ليتأمل هذا مع ما مر من تجويز الرازي اقتداء الحنفي بمن يسلم من الركعتين في الوتر بناء على أنه لم يخرجه هذا السلام في اعتقاده مع أنه في رأي المؤتم قد خرج فليحرر. (قوله لا يجوز) قال الرملي أي لا يصح كما يدل عليه قوله أو لا وقد ذكروا ما يدل على وجوبها وقد فهم بعض أن معناه لا يحل وهو غير سديد ا هـ. قلت قد مر عدم جواز صلاة الوتر قاعدا عند الإمامين أيضا مع أنهما قائلان بسنيته تأمل (قوله يخشى عليه من الكفر) وقع في عبارة مسكين حتى يكفر جاحدها واستشكله بعض الفضلاء بما صرحوا به من عدم تكفير جاحد الوتر إجماعا وغاية ركعتي الفجر أن تكون كالوتر فكيف يكفر جاحدها وأجاب بأن المراد من الجحود في جانب الوتر جحود وجوبه لا أصله بخلافه في جانب ركعتي الفجر فإن المراد به جحود أصل السنة فلا تنافي حتى لو أنكر الوتر نفسه يكفر وأيده بعضهم بما نقله عن الشيخ قاسم في الألفاظ المكفرة من قوله ومن أنكر أصل الوتر وأصل الأضحية كفر ا هـ لكن ينافيه ظاهر قول الزيلعي وإنما لا يكفر جاحده لأنه ثبت بخبر الواحد فلا يعرو عن شبهة ا هـ. وقد يقال المراد جحد الوجوب لا أصل المشروعية لانعقاد الإجماع عليها تأمل (قوله وإن قلنا إنها بمعنى الواجب) لا يخفى أن السنة المؤكدة هي ما كان بمعنى الواجب من جهة الإثم كما مر ويأتي قريبا فكان حق التعبير أن يقول وإن قلنا أنها واجبة (قوله وهو يدل على الوجوب) فيه نظر لاحتمال أن يكون مبنيا على القول بأن الراتبة لا تتأدى إلا بالتعيين وهو الذي صححه قاضي خان وإن كان الجمهور على خلافه كما مر في شروط الصلاة ويدل على ما قلنا ما في الذخيرة من الفصل الحادي عشر قال شمس الأئمة وهذه الرواية تشهد أن السنة تحتاج إلى النية ا هـ. والإشارة إلى الرواية التي صححها صاحب الخلاصة (قوله ورده في التجنيس إلخ) قال في النهر وترجيح التجنيس في المسألتين أوجه أي في هذه المسألة والتي قبلها (قوله فجاء رجل يصلي الفجر) أي ركعتي الفجر كما هو مصرح به في عبارة التجنيس (قوله فالسنة آخرهما إلخ) قال في النهر هو مبني على أن الأفضل إيلاؤهما للفرض وقبل تقديمهما أول الوقت وجزم في الخلاصة به وعليه فينبغي كون السنة أولهما ا هـ. (خاتمة) في الموطإ أخبرنا مالك أخبرنا نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه رأى رجلا ركع ركعتي الفجر ثم اضطجع فقال ابن عمر رضي الله عنه ما شأنه فقال نافع قلت يفصل بين صلاته قال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وأي فصل أفضل من السلام قال محمد بقول ابن عمر نأخذ وهو قول أبي حنيفة ا هـ. كذا في شرح الشيخ إسماعيل (قوله وفي القنية واختلف في آكد السنن إلخ) قال الرملي قال العلامة الحلبي في شرح منية المصلي أقوى السنن المؤكدة ركعتا الفجر حتى روي عن أبي حنيفة رحمه الله أنها لا تجوز مع القعود لغير عذر لقوله: «عليه الصلاة والسلام صلوها ولو طردتكم الخيل» ثم الآكد بعدها قيل ركعتا المغرب ثم التي بعد الظهر ثم التي بعد العشاء ثم التي قبل الظهر والأصح أن التي قبل الظهر آكد بعد سنة الفجر ثم الباقي على السواء وقد نقل مثله في النهر ثم قال وصححه يعني الذي قبل هذا الأصح المحسن وقد أحسن والله تعالى أعلم. (قوله وفي الخلاصة لو صلى ركعتي الفجر إلخ) قال الرملي ربما يدعي عدم المخالفة بين كلاميهما بحمل قوله يعيد السنة أي لتلافي النقصان الحاصل بالاشتغال بالبيع ونحوه وقوله بأكل لقمة أو شربة لا تبطل السنة أي لا ينقص ثوابها إذ حقيقة البطلان بعيدة لعدم المنافي تأمل (قوله في الكل لأنها صلاة واحدة) وقد تقدم في شرح قوله وفيما بعد الأوليين اكتفي بالفاتحة أن ما ذكر مسلم فيما قبل الظهر لما صرحوا به من أنه لا تبطل شفعة الشفيع بالانتقال إلى الشفع الثاني منها ولو أفسدها قضى أربعا والأربع قبل الجمعة بمنزلتها وأما الأربع بعد الجمعة فغير مسلم بل هي كغيرها من السنن فإنهم لم يثبتوا لها تلك الأحكام المذكورة ا هـ. لكن ذكر في شرح المنية هذه السنن الثلاث وفرع عليها تلك الأحكام (قوله وعلى استنان الأربع بعدها ما في صحيح مسلم إلخ) الحديث الأول يدل على الوجوب والثاني على الاستحباب فقلنا بالسنة مؤكدة جمعا بينهما كذا أفاده في شرح المنية وفي الشرنبلالية وظاهر كلام المصنف يعني صاحب الدرر أن حكم سنة الجمعة كالتي قبل الظهر حتى لو أداها بتسليمتين لا يكون معتدا بها وينبغي تقييده بعدم العذر لقول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: «إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعا فإن عجل بك شيء فصل ركعتين في المسجد وركعتين إذا رجعت» ذكر الحديث في البرهان في استدلاله على ثبوت الأربع بعد الجمعة ا هـ (قوله وعن أبي يوسف إلخ) قال في الذخيرة وعن علي رضي الله عنه أنه يصلي ستا ركعتين ثم أربعا وعنه رواية أخرى أنه يصلي بعدها ستا أربعا ثم ركعتين وبه أخذ أبو يوسف والطحاوي وكثير من المشايخ رحمهم الله وعلى هذا قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى الأصل أن يصلي أربعا ثم ركعتين فقد أشار إلى أنه مخير بين تقديم الأربع وبين تقديم المثنى ولكن الأفضل تقديم الأربع كي لا يصير متطوعا بعد الفرض مثلها ا هـ. (قوله لأنها ثابتة بيقين) تعليل للمنفي وقوله ويكون مستأنف والأولى أن يكون مجزوما عطفا على تكن المنفي بلم وقوله لأنه لم يذكر تعليل للنفي أعني قوله لم تكن وحاصل كلامه أن الحديثين المذكورين قد اتفقا على ركعتين وزاد أحدهما على الآخر ركعتين ومقتضى ذلك أن يكون ما اتفقا عليه سنة لأنه ثابت منهما بيقين ويكون الأربع مستحبا والجواب أنه لم يكن كذلك لأنه لم يذكر في حديث عائشة رضي الله عنها للعصر سنة راتبة لا ركعتين ولا أربعا فيقتضي عدم المواظبة على الركعتين أيضا ولا بد من المواظبة حتى تثبت السنة هذا ومقتضى الحديث الأول أن الأولى في الأربع الفصل لكن ذكر الشيخ إسماعيل عن الترمذي أن إسحاق بن إبراهيم اختار أن لا يفصل في الأربع قبل العصر واحتج بهذا الحديث وقال معنى أنه يفصل بينهن بالتسليم يعني التشهد ا هـ. ولعله جواب علمائنا أيضا (قوله ولم ينقلوا حديثا فيه بخصوصه) نقل في الاختيار عن عائشة رضي الله عنها: «أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي قبل العشاء أربعا ثم يصلي بعدها أربعا ثم يضطجع» ا هـ. ونقله عنه أيضا في إمداد الفتاح ثم قال وذكر في المحيط إن تطوع قبل العصر بأربع وقبل العشاء بأربع فحسن لأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لم يواظب عليها (قوله فإنه نص في مواظبته على الأربع إلخ) لأن مفاد الحديث أنه صلى الله تعالى عليه وسلم تارة يصلي ستا وتارة يقتصر على الأربع وعلى كل فالأربع مواظب عليها لأنها بعض الستة (قوله وقد يقال إلخ) أي قد يقال في دفع المواظبة. أقول: ولي هنا نظر لأنه لا يخلو من أن يكون المراد من الركعتين في هذه المواضع المذكورة في حديث ابن عمر أنها الراتبة أو غير الراتبة فإن كان الأول يرد مثل ما أورده في التي قبل الظهر والتي بعد الجمعة فإنه يقتضي عدم المواظبة على الأربع فيهما وإن كان الثاني وهو الذي جمع به في الفتح بين هذا الحديث وحديث عائشة أنه صلى الله تعالى عليه وسلم: «كان يصلي أربعا قبل الظهر» بقوله أما بأن الأربع كان يصليها عليه السلام في بيته وما رآه ابن عمر تحية المسجد أو بأن ابن عمر كان يرى تلك وردا آخر سببه الزوال وهو مذهب بعض العلماء ا هـ. ثم ذكر حديث: «أنه عليه السلام كان يصلي أربعا بعد أن تزول الشمس» ثم قال وقد صرح بعض مشايخنا بعين هذا الحديث على أن سنة الجمعة كالظهر لعدم الفصل فيه بين الظهر والجمعة ولم يجب عن التي بعد الجمعة ولا التي بعد العشاء فيقتضي أن الأربع بعد الجمعة غير راتبة وأن الركعتين بعد العشاء هي الراتبة وبه يتم ما ذكره المؤلف من الدفع لكن يحتاج إلى الجواب عن التي بعد الجمعة نعم هو ظاهر على رواية عن أبي حنيفة ذكرها في الذخيرة أنها ركعتان فليتأمل وقد يقال أنها الركعتان الزائدتان على الأربع كما هو قول أبي يوسف كما مر (قوله واختار الأول فيهما) أي اختار ما تضمنه الترديد الأول في كل من المسألتين لكن يرد عليه ما ذكروه في صلاة الست بعد المغرب فإن مقتضى كلامه أن الأولى فيها أن تكون بتسليمة واحدة وقد صرح بأن الراتبة تحتسب منها والتصريح بخلاف كل ثابت قال الشيخ إسماعيل وفي المفتاح وندب ست ركعات بعد المغرب يعني غير سنة المغرب لقوله عليه الصلاة والسلام: «من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن عبادة ثنتي عشرة سنة» كذا في الإيضاح ا هـ. وفي الغزنوية وصلاة الأوابين وهي ما بين العشاءين ست ركعات بثلاث تسليمات قال أبو البقاء القرشي في شرحها يصلي ست ركعات بنية صلاة الأوابين يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة {قل يا أيها الكافرون} مرة {وقل هو الله أحد} ثلاث مرات قاله الشيخ عبد الله البسطامي ا هـ. وكذلك صرح في التجنيس وغرر الأذكار بأنها بثلاث تسليمات ثم قال في الغرر الأذكارية وفسره يعني أنسا راوي الحديث بثلاث تسليمات ا هـ. كلام الشيخ إسماعيل ثم قال مع أن الحديث يشير إلى ذلك حيث قال لم يتكلم فيما بينهن بسوء إذ مفهومه أنه لو تكلم بخير استحق الموعود ا هـ فظهر أنها ست مستقلة كما هو صريح المفتاح وظاهر شرح الغزنوية وأنها بثلاث تسليمات وإن قال في الدرر والتنوير أنها بتسليمة واحدة قال الرملي والذي يظهر لي في وجه الفرق بين هذه الست وبين الأربع في الظهر والعشاء أنها لما زادت عن الأربع وكان جمعها بتسليمة واحدة خلاف الأفضل لما تقرر أن الأفضل فيهما رباع عند أبي حنيفة رحمه الله ولو سلم على رأس الأربع لزم أن يسلم في الشفع الثالث على رأس الركعتين فيكون فيه مخالفة من هذه الحيثية فكان المستحب فيه ثلاث تسليمات ليكون على نسق واحد هذا ما ظهر لي من الوجه ولم أره لغيري فليتأمل ا هـ وهو حسن (قوله ولم يذكر المصنف من المندوبات إلخ) أقول: لم يذكر المؤلف أيضا صلاة التوبة وصلاة الوالدين وصلاة ركعتين عند نزول الغيث وركعتين عند الخروج إلى السفر وركعتين في السر لدفع النفاق والصلاة حين يدخل بيته ويخرج توقيا عن فتنة المدخل والمخرج كما في شرح الشيخ إسماعيل عن الشرعة (قوله ولم أر إلخ). أقول: لم يذكر وقتها المختار وفي شرح الشيخ إسماعيل عن الشرعة ويتحرى لها وقت تعالي النهار حتى ترمض الفصال من الظهيرة قال وفي شرحها تعالي النهار علوه وارتفاعه وترمض من باب علم أي تحترق أخفاف الفصال جمع فصيل ولد الناقة إذا فصل عن أمه والظهيرة نصف النهار هذا مأخوذ من قوله عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه مسلم عن زيد بن أرقم كما ذكره في المشارق من قوله عليه الصلاة والسلام: «صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال» قال الشيخ إسماعيل أقول: ومقتضاه أفضلية كونها أقرب إلى الظهيرة ا هـ. قلت: وفي شرح المنية عن الحاوي ووقتها المختار إذا مضى ربع النهار ثم ذكر الحديث وذكر الشيخ إسماعيل عن الشرعة أنه يقرأ فيها سورتي الضحى أي سورة {والشمس وضحاها} وسورة {والضحى والليل} ا هـ. قلت رأيت في التحفة لابن حجر الشافعي ما نصه: قال بعضهم: ويسن قراءة والشمس والضحى لحديث فيه رواه البيهقي ا هـ. قال ولم يبين أنه يقرؤهما فيما إذا زاد على ركعتين في كل ركعتين من ركعاتها أو في الأوليين فقط وعليه فما عداهما يقرأ فيه الكافرون والإخلاص كما علم مما مر ا هـ. ومراده بما مر ما نقله عن بعضهم بحثا أنهما يسنان أيضا في سائر السنن التي لم ترد لها قراءة مخصوصة (قوله ومن المندوبات صلاة الاستخارة) قال الشيخ إسماعيل وفي شرح الشرعة من هم بأمر وكان لا يدري عاقبته ولا يعرف أن الخير في تركه أو الإقدام عليه فقد «أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركع ركعتين يقرأ في الأولى فاتحة الكتاب {وقل يا أيها الكافرون} وفي الثانية الفاتحة {وقل هو الله أحد} فإذا فرغ قال اللهم» إلخ ثم المسموع من المشايخ ينبغي أن ينام على الطهارة ومستقبل القبلة بعد قراءة الدعاء المذكور فإن رأى في منامه بياضا أو خضرة فذلك الأمر خير وإن رأى فيه سوادا أو حمرة فهو شر ينبغي أن يجتنب عنه ا هـ. (قوله ومن المندوبات صلاة الحاجة إلخ) قال الشيخ إسماعيل ذكرها في التجنيس والملتقط وخزانة الفتاوى وكثير من الفتاوى وفي الحاوي وشرح المنية أما في الحاوي فذكر أنها ثنتا عشرة ركعة وبين كيفيتها بما فيه كلام وأما في التجنيس وغيره فذكر أنها أربع ركعات بعد العشاء وأن في الحديث المرفوع يقرأ في الأولى فاتحة الكتاب مرة وثلاث مرات آية الكرسي وفي الثانية فاتحة الكتاب مرة و {قل هو الله أحد} مرة {وقل أعوذ برب الفلق} مرة و {قل أعوذ برب الناس} مرة وفي الثالثة والرابعة كذلك كن له مثلهن من ليلة القدر قال مشايخنا صلينا هذه الصلاة فقضيت حوائجنا مذكور في الملتقط والتجنيس وكثير من الفتاوى كذا في خزانة الفتاوى وأما في شرح المنية فذكر أنها ركعتان وأخرج الترمذي عن عبد الله بن أبي أوفى قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: «من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ وليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله تعالى وليصل على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ثم ليقل لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين» ا هـ. (قوله وقد تردد في فتح القدير إلخ) حيث قال بقي أن صفة صلاة الليل في حقنا السنة أو الاستحباب يتوقف على صفتها في حقه صلى الله تعالى عليه وسلم فإن كانت فرضا في حقه فهي مندوبة في حقنا لأن الأدلة القولية فيها إنما تفيد الندب والمواظبة الفعلية ليست على تطوع لتكون سنة في حقنا وإن كانت تطوعا فسنة لنا وقد اختلف العلماء في ذلك ثم ذكر الأدلة للفريقين والذي حط عليه كلامه أن الفرضية منسوخة كما قالته عائشة رضي الله عنها في حديث رواه مسلم وأبو داود والنسائي (قوله ومن هنا يعلم إلخ) قال الشيخ إسماعيل وقد ذكر الغزنوي صلاة الرغائب ثنتي عشرة ركعة بين العشاءين بست تسليمات وصلاة الاستفتاح عشرين ركعة في النصف من رجب به صلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة بخمسين تسليمة وينبغي حمله على الانفراد كما مر وصلاة ليلة النصف ذكرها الغافقي المحدث في لمحات الأنوار وصاحب أنس المنقطعين وأبو طالب المكي في القوت عبد العزيز الديريني في طهارة القلوب وابن الجوزي في كتاب النور والغزالي في الإحياء قال الحافظ الطبري جرت العادة في كل قطر من أقطار المكلفين بتطابق الكافة على صلاة مائة ركعة في ليلة النصف من شعبان بألف قل هو الله أحد وتروى في صحتها آثار وأخبار ليس عليها الاعتماد ولا نقول أنها موضوعة كما قال الحافظ ابن الجوزي فإن الحكم بالوضع أمره خطير وشأنه كبير مع أنها أخبار ترغيب والعامل عليها بنيته يثاب ويصدق عزمه وإخلاصه في ابتهاله يجاب والأولى تلقيها بالقبول من غير حكم بصحتها ولا حرج في العمل بها ا هـ. (قوله وفي الفتاوى البزازية) أي وأوضحه في الفتاوى البزازية. (قوله يشكل بالزيادة إلخ) يفيد أن الزيادة في نفل النهار متفق عليها وبه صرح في النهر فقال وكره الزيادة على أربع بتسليمة في نفل النهار باتفاق الروايات لأنه لم يرد أنه عليه الصلاة والسلام زاد على ذلك ولولا الكراهة لزاد تعليما للجواز كذا قالوا وهذا يفيد أنها تحريمية ا هـ. لكن في هذه الإفادة نظر لتوقفها على ثبوت أن كل ما كان جائزا كان يفعله عليه الصلاة والسلام تعليما للجواز وأن كل شيء لم يفعله عليه الصلاة والسلام يكون غير جائز وليس بالواقع والكراهة التحريمية لا بد لها من دليل خاص تأمل (قوله إلا أن هذا يقتضي إلخ) قال في البرهان مجيبا عن هذا الإشكال اتفاق الأئمة على القعود على رأس كل شفع لما روينا دليل انتساخه أو أنه من خصائصه صلى الله تعالى عليه وسلم كذا في حاشية نوح أفندي على الدرر (قوله لأن ما ذكرناه إلخ) قال في إمداد الفتاح عن البرهان بعدما أورد على الطحاوي حديث مسلم إلا أن اتفاق الأئمة على القعود على رأس كل شفع لما روينا دليل انتساخه أو أنه من خصائصه صلى الله تعالى عليه وسلم ا هـ. وأجاب في الإمداد عن الطحاوي بأنه ليس مراده نفي الوجدان من أصله بل وجدان ما ليس معارضا ولا حاظرا ولا منسوخا ويكون المروي في مسلم محتملا لبيان الصحة لو فعل لا ندب الفعل ولذا قال في الاختيار وصلاة الليل ركعتان بتسليمة أو أربع أو ست أو ثمان وكل ذلك نقل في تهجده صلى الله تعالى عليه وسلم ا هـ. والشأن في بيان الأفضل انتهى لكن لا يخفى عليك أن قول الطحاوي لم نجد أنه أباح إلخ ينافيه ما ذكره من التأويل لحديث مسلم وما نقله عن الاختيار والحاصل أن إنكار كونه عليه الصلاة والسلام يصلي أربعا بعيد جدا ولذا قال في فتح القدير لا يخفى أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يصلي أربعا كما كان يصلي ركعتين فرواية بعض فعله أعني فعل الأربع لا يوجب المعارضة ا هـ. وأبعد منه ما قاله في غاية البيان إذ لا يخفى أنه عليه الصلاة والسلام كان يتهجد من الليل بل كان فرضا عليه والكلام في نسخ الفرضية كما مر على أنه يلزم عليه أنه ما كان في بعض الأوقات يصلي الوتر لما مر أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي خمس ركعات سبع ركعات الحديث وفي التتارخانية وما روي أنه صلى الله تعالى عليه وسلم صلى أحد عشر ركعات فثلاث منها كان وترا وثماني ركعات صلاة الليل وما روي أنه صلى الله تعالى عليه وسلم صلى ثلاثة عشر ركعة فثلاث منها كان وترا وثماني ركعات صلاة الليل وركعتان للفجر قال الشيخ أبو بكر محمد بن الفضل التفسير منقول عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم غير مستخرج من تلقاء أنفسنا. (قوله وقالا في الليل ركعتين) قال في النهر قال في العيون وبقولهما يفتي اتباعا للحديث كذا في المعراج ورده الشيخ قاسم بما استدل به المشايخ للإمام من حديث الصحيحين (قوله ولأبي حنيفة إلخ) وجه الاستدلال أنه لو لم يكن كل أربع بتسليم لقالت كان يصلي ركعتين أو كان يصلي ثمانيا (قوله أن مقتضى لفظ الحديث إلخ) يعني أن مقتضى لفظ الحديث حصر المبتدأ في الخبر وليس بمراد للاتفاق على جواز الأربع أيضا وعلى كراهة الواحدة والثلاث في غير الوتر وإذا انتفى كون المراد لا تباح الاثنتين أو لا تصح لزم كون الحكم بمثنى أما في حق الفضيلة إلخ ما ذكره هنا وذكر في الفتح جوابا آخر وهو أن مثنى مثنى عبارة عن قوله أربع صلاة على حدة أربع صلاة على حدة لأن مثنى معدول عن العدد المكرر وهو اثنان اثنان فمراده حينئذ اثنان اثنان صلاة على حدة ثم اثنان اثنان صلاة على حدة وهلم جرا بخلاف ما إذا لم يتكرر لأن معناه حينئذ الصلاة اثنين اثنين وسبب العدول عن أربع أربع مع أنه أكثر استعمالا وأشهر لإفادة كون الأربع مفصولة بغير السلام وهو التشهد فقط وإلا كان كل صلاة ركعتين ركعتين وقد كانت أربعا قال وقد وقع في بعض الألفاظ ما يحسن تفسيرا على ما قلنا وهو ما أخرجه الترمذي والنسائي عن الفضل بن العباس أنه عليه الصلاة والسلام قال: «الصلاة مثنى مثنى بتشهد في كل ركعتين» ا هـ. مختصرا وكأن المؤلف لم يذكره لأن هذا التأويل ينافيه حديث عائشة الذي تقدم عن الطحاوي «أنه عليه السلام كان يسلم من كل اثنين» وحينئذ فيكون مثنى الثانية تأكيدا للأولى وقد يجاب بأن ذلك لا ينافي الحمل المذكور إذ لا ينكر أنه عليه الصلاة والسلام كان في بعض الأوقات يصلي كل ركعتين بتسليمة وإنما الكلام في الأفضلية كما مر وظاهر حديث عائشة أنه كان عامة أحواله صلاة الأربع بتسليمة لقولهما ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره فالأولى حمل حديث مثنى مثنى عليه جمعا بين الأدلة فتدبر (قوله أخف وأيسر) قلت يحتاج إلى الجواب أيضا عن الست بعد المغرب فإن الأفضل فيها أن تكون بثلاث تسليمات كما تقدم فالأولى التعليل باتباع الآثار الواردة في كل من صلاة التراويح وصلاة الأوابين الدالة على أنها مثنى مثنى (قوله والذي ظهر للعبد الضعيف إلخ) قال في النهر فيه نظر من وجوه أما أولا فلأن القيام وإن كان وسيلة إلا أن أفضلية طوله إنما كانت بكثرة القراءة فيه وهي وإن بلغت كل القرآن تقع فرضا بخلاف التسبيحات فإنها وإن كثرت لا تزيد على السنة وأما ثانيا فلأن كون القراءة ركنا زائدا مما لا أثر له في الفضيلة بخلاف الركوع والسجود وأما ثالثا فلأن كون القيام يتخلف عن القراءة في الفرض ليس مما الكلام فيه إذ موضوع المسألة في النقل وفيه تجب القراءة في كله ولم أر في كلامهم ما لو تطوع الأخرس هل يكون طول القيام في حقه أفضل كالقارئ أم لا فتدبر ا هـ. وأقول: على أن الأحاديث الدالة على أفضلية القيام نص في المطلوب لا تحتمل التأويل بخلاف غيرها لاحتمال كون المراد من كثرة السجود كثرة الاشتغال بالصلاة من إطلاق الجزء على الكل فإن السجود يطلق ويراد به الصلاة كما في قوله تعالى: {والركع السجود} وقوله تعالى: {وتقلبك في الساجدين} وبه تأيد ما في المتون الذي هو قول الإمام وصرح بتصحيحه في البدائع والعجب من الشيخ محمد الغزي حيث تبع شيخه وخالف المتون ومشى في متن التنوير على ما اختاره شيخه هنا مع أن المتون موضوعة لنقل المذهب. (قوله وقال بعضهم إلخ) يوهم أنه قول آخر غير القولين السابقين مع أنه عين الأول المعبر عنه بالمشهور (قوله ففائدة الاختلاف إلخ) قال في النهر لكن سيأتي في السهو أن تأخير الفرض فيه ترك واجب أيضا ويمكن أن يظهر في اختلاف مراتب الإثم فعلى الأول يأثم إثم تارك الواجب وعلى الثاني إثم تارك الفرض العملي الذي هو أقوى نوعي الواجب على ما مر تحقيقه ا هـ. قلت: لي هنا شبهة أشكلت علي وذلك أنه لا خلاف عندنا في فرضية القراءة في الصلاة وإنما الخلاف في تعيين محلها وحينئذ فمعنى القول الذي صححه في البدائع أن القراءة فرض وكونها في الأوليين فرضا آخر ومقتضى هذا بطلان الصلاة بتركها في الأوليين وعدم اعتبار كونها قضاء في الأخريين لأنه إذا قرأ في الأخريين فقد أتى بفرض القراءة وأما فرض كونها في الأوليين فقد فات ولا يمكن تداركه كما لو أتى بتكبيرة الافتتاح بعد القراءة ولم يقرأ بعدها وليس هذا كتأخير سجدة إلى آخر الصلاة فإنه وإن كان فيه تأخير فرض لكن عدم التأخير ليس بفرض وإنما هو واجب وما نحن فيه فرض وكونه فرضا عمليا لا يقتضي عدم البطلان لأنه ما يفوت الجواز بفواته كمسح الرأس فهو في قوة القطعي في العمل كما مر صدر الكتاب اللهم إلا أن يقال إنه وإن كان في قوة القطعي لكنه ظني وكان مقتضى تركه الفساد لكنه لم يحكم به احتياطا لكونه فصلا مجتهدا فيه على نحو ما سيأتي في المسائل الثمانية في تخريج قول الإمام تأمل والذي يظهر لي أن ما في البدائع من أن محلها الركعتان الأوليان عينا أراد به التعيين على سبيل الوجوب لا الافتراض وأن ما قاله بعضهم من أن محلها ركعتان غير عين مراده أن تعيين الأوليين أفضل وهو ما سيأتي عن غاية البيان ففي المسألة قولان لا ثلاثة يدل على ذلك ما ذكره في شرح ابن أمير حاج على المنية عند ذكر فرائض الصلاة حيث قال قال في شرح الطحاوي للإسبيجابي قال أصحابنا القراءة فرض في ركعتين بغير أعيانهما وأفضلها في الأوليين وإليه ذهب القدوري أيضا لكن نص في التحفة والبدائع على أن الصحيح من مذهب أصحابنا أن محل القراءة المفروضة الركعتان الأوليان عينا وإليه أشار في الأصل حيث قال إذا ترك القراءة في الأوليين يقضيها في الأخريين وعليه مشى في الذخيرة والمحيط الرضوي وغيرهما ثم ذكر في شرح المنية عند واجبات الصلاة أن ثمرة الخلاف في وجوب سجود السهو وعدمه لو تركها في الأوليين أو إحداهما فيجب على القول بالوجوب بتأخير الواجب عن محله سهوا وعلى السنية لا ا هـ. ملخصا وهو كالصريح فيما قلنا. (قوله إيجاب فيهما دلالة) لا يخفى ما فيه والأولى أن يقال إيجاب في الثانية دلالة (قوله لأن القطعي إلخ) تسميته قطعيا مخالف لما صرح به أولا أنه فرض عملي وهذا ليس بقطعي وإنما هو ظني نعم هو في قوة القطعي في العمل كما مر (قوله ووجهه أن القراءة إلخ) فيه بحث لأنها وإن لم تكن في محلها حقيقة لكنها في حكمها لالتحاقها بالأوليين فلا تتغير بقصده بدليل وجوب القراءة على الخليفة المسبوق لو أشار إليه الإمام أنه لم يقرأ في الأوليين فقد صرحوا بأنه إذا قرأ التحقت بالأوليين فخلت الأخريان عن القراءة فيلزمه القراءة فيما سبق به أيضا وبدليل عدم صحة اقتداء مسافر في الوقت بمقيم لم يقرأ في الأوليين وبدليل وجوب القراءة على المسبوق وإن لم يقرأ إمامه في الأوليين والظاهر في توجيهه أنه مبني على القول بفرضية القراءة في الأوليين ثم رأيت العلامة الرملي نقل ذلك عن خط العلامة المقدسي فتدبر لكن قد علمت ما فيه. (قوله إلا أنه لا يتم إلخ) قد يجاب بأنهم اعتبروا المؤكدة صلاة واحدة في حق القراءة فقط احتياطا كما في الوتر فإنهم أوجبوا القراءة في جميع ركعاته احتياطا كما مر لاحتمال كونه سنة مؤكدة (قوله ولا يبطل خيارها إلخ) أي خيار المرأة التي قال لها زوجها اختاري نفسك وهي في سنة الظهر القبلية. (قول المصنف ولزم النفل بالشروع) أي صلاة أو صوما كذا قال العيني وتعقبه في النهر بأنه من استعجال الشيء قبل أوانه وهلا قال أو حجا ا هـ. وأجاب بعضهم بأنه تنصيص على ما فيه خلاف الشافعي بخلاف الحج إذ لا خلاف له فيه ولا في العمرة على ما يعلم من الزيلعي ا هـ. والظاهر تخصيص الصلاة فقط لأن المقام لها ولأنه ينبو عن الصوم قول المصنف ولو عند الغروب والطلوع كما لا يخفى هذا وإنما لم يذكر الاستواء لأنه وقت ضيق لا يتأتى فيه أداء الصلاة كذا نقله بعضهم عن الشلبي وفيه أن الكلام في الشروع لا في الأداء ومدة الشروع يسيرة يمكن فيه فالأولى الجواب بأن تحري الشروع عند الاستواء نادر لعدم العلم به غالبا بخلاف الطلوع والغروب (قوله ولو نوى تطوعا آخر) أي مع الإمام في الصورة المذكورة (قوله ويشكل عليه ما رواه مسلم في صحيحه) وكذا رواه البخاري عن ابن عمر ولفظه «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال إنه لا يرد شيئا وإنما يستخرج به من البخيل» (قوله عن عهدة النهي) أي النهي عن النذر فإن النهي الذي في حديث مسلم مطلق وتقييده بالنذر المعلق يحتمل أن يكون مراده ويحتمل عدمه جريا على ظاهر الإطلاق فالأحوط عدم النذر لكن ذكر في فتح القدير في فروع قبيل كتاب الحج لو ارتد عقيب نذر الاعتكاف ثم أسلم لم يلزمه موجب النذر لأن نفس النذر بالقربة قربة فيبطل بالردة كسائر القرب ا هـ. ففيه التصريح بأن النذر بالقربة قربة فليس بمنهي عنه فيتعين تأويل الحديث بالمعلق بما لا يريد كونه كإن دخلت دار فلان فلله علي صوم كذا ونحوه فإنه لم يقصد به القربة وكذا المعلق بما يريد كونه كإن شفى الله مريضي أو رد غائبي فلله علي كذا فإنه لم يخلص من شائبة العوض حيث جعل القربة في مقابلة الشفاء ونحوه مع ما فيه من إيهام أن الشفاء حصل بسببه فلذا قال في الحديث إنه لا يرد شيئا وإنما يستخرج به من البخيل فإن هذا الكلام قد وقع موقع التعليل للنهي بخلاف النذر غير المعلق على شيء أصلا فإنه تبرع محض بالقربة لله تعالى فلا وجه لجعله داخلا تحت النهي هذا وقد حمل بعض شراح البخاري النهي في الحديث على من يعتقد أن النذر مؤثر في تحصيل غرضه المعلق عليه وما قلناه أقرب والله تعالى أعلم (قوله ومن جنسها واجب) انظر ما فائدة التقييد به فإن عيادة المريض وتشييع الجنازة قد خرجا بعبادة مقصودة كما يصرح به ما سينقله عن البدائع (قوله وينبغي أن يلزم النذر بالصلاة بغير طهارة على قول أبي يوسف) مقتضى ذلك أنه لم ير التصريح بذلك وهو عجيب فقد صرح به صاحب المجمع في شرحه عليه مع أنه سينقله عنه قريبا وعبارة شرح المجمع لمصنفه هكذا إذا نذر أن يصلي ركعتين بغير طهارة لزماه بطهارة عند أبي يوسف لأن صدر كلامه نذر صحيح ملزم للطهارة اقتضاء فكان قوله بغير طهارة مناقضا له فسقط وبقي الباقي على الصحة كقوله أنت طالق اليوم غدا أو غدا اليوم أو لله علي ركعتين بطهارة أو بغير طهارة وقال محمد لا يلزمه شيء لأنه نذر بمعصية فلا يلزمه والكلام واحد فلا بد من اعتباره بخلاف الإفصاح بشرط الصحة لأنه يعد رجوعا عن المنطوق بعد صحته ولزومه انتهت وبها يعلم ما في عبارته التي نقلها عن شرح المجمع من التحريف على ما في بعض النسخ فإن في بعضها لو قال صلاة بطهارة بلا طهارة والصواب فيها أو بلا طهارة وفي بعضها الاقتصار على قوله بلا طهارة وهي صحيحة وعليها فقد علمت ما في كلامه. (قوله وعلى قول أبي يوسف إلخ) قال في النهر قد علمت رجوعه فالخلاف ليس بناء على قوله بل اختيار لبعض المشايخ وعزاه في الدراية للفضلي وعليه فينبغي أن لا فرق في وجوب الأربع بين نيتها أو لا لأنها صلاة واحدة (قوله وظاهر ما في فتح القدير والتبيين والبدائع إلخ) أقول: نعم ما في الفتح والتبيين ظاهره ذلك وأما ما في البدائع فلا بل ظاهره الخلاف فإنه قال ومن المتأخرين من مشايخنا من اختار قول أبي يوسف فيما يؤدي من الأربع منها بتسليمة واحدة وهو الأربع قبل الظهر وقالوا لو قطعها يقضي أربعا ولو أخبر بالبيع فانتقل إلى الشفع الثاني لا تبطل شفعته ويمنع صحة الخلوة ا هـ. (قوله وفساد الأداء لا يزيد على تركه) أي لا يكون أقوى من ترك الأداء بأن أحرم واقفا ثم ترك أداء كل الأفعال بأن وقف ساكتا طويلا لا تبطل التحريمة وهذا لأنها ليست لم تعقد إلا لهذا الشفع فإن بناء الشفع الثاني جائز فعلم أنها له ولغيره فبفساده لا تنتفي فائدتها بالكلية لتفسد هي كما بسطه في الفتح (قوله وعند أبي حنيفة إلى آخر كلامه) لا يخفى أن بهذا التقرير لم يحصل الجواب عما قرر لأبي يوسف بل جوابه منع أن فساده لا يزيد على تركه لأن الترك مجرد تأخير والفساد فعل مفسد وتمامه في الفتح (قوله لكن فسادها إلخ) قال في النهاية فإن قلت كما أن ترك القراءة في ركعة مجتهد فيه كذلك عدم الفساد بترك القراءة في الكل مجتهد فيه لأن القراءة ليست بفرض عند أبي بكر الأصم الجواب أن قوله مخالف للدليل القطعي فلا يعتبر ا هـ. (قوله على رواية محمد) قيد لقوله وهو قول أبي حنيفة قال في الهداية على قول أبي يوسف رحمه الله قضى الأربع وكذا عند أبي حنيفة ا هـ. فقوله وكذا قال في العناية هو إشارة إلى أنه ليس قوله باتفاق بينهما بل إنما هو قوله على رواية محمد وهو فصل أصاب نحره كما ترى (قوله بل تفريع صحيح إلخ) قال في النهر أقول: في كونه تخريجا على أصل الإمام نظر يوضحه سلوك طريق الإسناد في الحكم وقول محمد بل حفظتها ونسي ودعوى أنه رواه بلا واسطة مناف لما ادعاه من الرواية عن الثاني نعم لو قيل إنما اعتمد المشايخ ذلك لا بناء على ما رواه عن الثاني بل بناء على ما سمعه منه من غير واسطة فإنه وإن بطلت روايته من هذا الوجه إلا أنه لا مانع من ثبوتها من طريق أخرى فقد ذكر في الأصل أن قول محمد فيه قياس واستحسان وأن ما ادعى أبو يوسف روايته قياس وما ذكره محمد استحسان ثم رأيت في شهادات فتح القدير لو سمع من غيره حديثا ثم نسي الأصل روايته للفرع ثم سمع الفرع يرويه عنه عندهما لا يعمل به وعند محمد يعمل به ومن ذلك المسائل التي رواها محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة ونسيها أبو يوسف وهي ستة فكان أبو يوسف لا يعتبر رواية محمد ومحمد لا يدع روايتها عنه كذا قالوا وفيه إشكال لأن المذكور أن أبا يوسف أنكر وقال ما رويت لك عن أبي حنيفة ذلك وهذه الصورة ليست من نسيان الأصل رواية الفرع بخلاف ما إذا نسي الأصل ولم يجزم بالإنكار فلا ينبغي اعتبار قول محمد إلا إذا صح اعتبار ما ذكره تخريجا على أصل أبي حنيفة ا هـ. ملخصا. وأجاب العلامة المقدسي بقوله أقول: لعله حمله محمد على النسيان لطول العهد واشتغاله بالقضاء ا هـ. (قوله وبما ذكرناه إلخ) فيه بحث لأن مسائل ظاهر الرواية هي ما وجد في بعض كتب محمد المبسوط والزيادات والجامع الصغير سميت بذلك لأنها ثابتة عنه إما متواترة أو مشهورة وهي الطبقة الأولى الثانية مسائل النوادر كالكيسانيات والهارونيات وتسمى غير ظاهر الرواية لأنها لم تثبت عن محمد ثبوتا ظاهرا كالأولى والطبقة الثالثة ما استنبطه المتأخرون مما لم يجدوا فيه رواية عن أصحاب المذهب كما بسطه الشيخ إسماعيل رحمه الله في صدر شرحه وحينئذ فقول قاضي خان ما رواه محمد هو ظاهر الرواية معناه أنه مذكور في كتب ظاهر الرواية وهو كذلك لأنه في الجامع الصغير وقول المؤلف كان لثبوتها بالسماع إلخ ربما يوهم أن ظاهر الرواية ما سمعه محمد من أبي حنيفة وهذا يقتضي أن لا يكون الجامع الصغير من كتب ظاهر الرواية لأنه بواسطة أبي يوسف كما يأتي مع أنه نفسه صرح في شرح قوله ودعا بما يشبه القرآن والسنة أنه من كتب ظاهر الرواية تأمل ثم رأيت العلامة المقدسي ذكر نحو ما بحثته في شرحه على نظم الكنز فاعترضه بأن ما ذكره من الجواب يتوقف على أن مراد قاضي خان بظاهر الرواية غير ما ذكر في الأصل ونحوه كالجامع الصغير من كتب ظاهر الرواية وزاد على ما قلته أن محصل كلامه هو ما يفهم من كلام الكمال من التفريع الصحيح على أصل أبي حنيفة رحمه الله وأن الإشكال في تصميم محمد على مخالفة من روى عنه لا ترتفع (قوله وقد أتم الإمام الأربع) أي أتمها بعد تكلم المقتدي كما هو ظاهر لكن العبارة موهمة. (قوله للأول) صوابه للثاني أي قوله وعلى النهي عن قضاء الفرائض (قوله فإن كان ذلك الخلل محققا إلخ) يفيد بإطلاقه أنه لو صلى الفريضة منفردا بلا عذر أنه له إعادتها مع الجماعة في سائر الأوقات لارتكاب المكروه ولم أر من صرح به فليتأمل لكن يخالفه ما ذكروه في الفصل الآتي من التفصيل من أنه لو صلى ركعة فأقيمت يقطع ويقتدي إلى آخر ما يأتي إلا أن يحمل ذاك على ما إذا كانت صلاته منفردا مع العذر المسوغ لترك الجماعة وهو بعيد (قوله وبما قررناه إلخ) دفعه في النهر بما نقله عن العناية بقوله وذكر المصنف لهذا بعد إفادة أن القراءة واجبة في جميع النفل وما ترتب على ذلك من الثمانية دليل على هذا التأويل. (قوله وأما إذا صلاه مع عجزه إلخ) قال في الفتح واستدلوا له بحديث البخاري في الجهاد «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما يعمل مقيما صحيحا» (قوله ولا يمكن حمله إلخ) قال في الفتح ولا نعلم الصلاة نائما تسوغ إلا في الفرض حالة العجز عن القعود وهذا حينئذ يعكر على حملهم الحديث على النفل وعلى كونه في الفرض لا يسقط من أجر القائم شيء والحديث الذي استدلوا به على خلاف ذلك أي حديث البخاري في الجهاد إنما يفيد كتابة مثل ما كان يعمله مقيما صحيحا وإنما عاقه المرض عن أن يعمل شيئا أصلا وذلك لا يستلزم احتساب ما صلى قاعدا بالصلاة قائما لجواز احتسابه نصفا ثم يكمل له كل عمله من ذلك وغيره فضلا وإلا فالمعارضة قائمة لا تزول إلا بتجويز النافلة قائما ولا أعلمه في فقهنا (قوله وفيه نظر إلخ) أقول: هذا النظر ظاهر لأن ما نقله النووي عن بعضهم هو المتبادر من الحديث لوجوه الأول كلمة من فإنها عامة في كل مصل الثاني قوله ومن صلى نائما وهو موجود في صحيح البخاري الثالث أن المذكور في صحيح البخاري أن عمر رضي الله عنه كانت به بواسير فسأل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فذكر الحديث وبهذا الوجه من الذين قبله يبعد حمله على صلاة النفل خاصة من غير عذر فالأولى المصير إلى ما قدمناه عن الفتح من احتمال صلاته نصفا وإكمالها له فضلا وفي الكشاف في تفسير قوله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} الآية فإن قلت قد ذكر الله سبحانه مفضلين درجة واحدة ومفضلين درجات فمن هم قلت أما المفضلون درجة واحدة فهم الذي فضلوا على القاعدين الأخراء وأما المفضلون درجات فالذين فضلوا على القاعدين الذين أذن لهم في التخلف اكتفاء بغيرهم لأن الغزو فرض كفاية ا هـ. قلت: ففي الآية دليل على أن العامل أفضل من التارك لعذر وهذا لا ينافي ما مر من حديث البخاري في الجهاد لإمكان حمل ما هناك على كتابة أصل الثواب وما هنا على زيادة المضاعفة بسبب المشقة نظير ما قيل في أن الإخلاص تعدل ثلث القرآن ونحو ذلك والله أعلم (قوله وله) أي للإمام أبي حنيفة رحمه الله أن المصلي لم يباشر القيام فيما بقي أي فيما قعد فيه أي لم يشرع فيه قائما بعد فلا يلزمه القيام فيه ولما أي وللذي باشره من الصلاة بصفة القيام أو للذي باشره من الصلاة النافلة مطلقا صحة بدون القيام بخلاف النذر وحاصله منع كون الشروع موجبا غير أصل ما شرع فيه بناء على منع إلحاق الشروع بالنذر مطلقا بل في إيجاب أصل الفعل (قوله ورجح الثاني) أي القول الثاني المعبر عنه بقوله وعند البعض يلزم القيام (قوله ولم يذكر المصنف إلخ) قال في النهر ولم يبين للقعود كيفية لما أن الكلام في الجواز ولا شك في حصوله على أي حال كان وبه سقط ما في البحر أنه للاختلاف فيه إنما الاختلاف في تعيين ما هو الأفضل والمختار ما قاله زفر وهو رواية عن الإمام أن يقعد كما في التشهد قال أبو الليث و عليه الفتوى ولا خلاف أنه إذا جاء أوان التشهد جلس كذلك سواء سقط القيام بعذر أم لا. (قوله أما إذا كانت تسير بتسيير صاحبها إلخ) قال في النهر ينبغي أن يقيد بما إذا كان بعمل كبير لقولهم إذا حرك رجله أو ضرب دابته فلا بأس به إذا لم يكن كثيرا ا هـ. قلت: ويفهم ذلك أيضا من قول البزازية في تعليل المسألة بأنه عمل كثير وفي الذخيرة عن شرح السير إذا كانت لا تنساق بنفسها فساقها هل تفسد صلاته قال إن كان معه سوط فهيبها به ونخسها لا تفسد صلاته لأنه عمل قليل ا هـ. وهو نص في المراد (قوله وعلله في البدائع بأنه لما سقط إلخ) أقول: يفهم من تخصيص السقوط لطهارة المكان أنه يجب عليه خلع النعلين لو كان فيهما نجاسة مانعة ولم أره صريحا فليراجع ثم رأيت في النهر قال وقياس هذا ولو على المصلي أيضا مع أن ظاهر كلامهم المنع في هذا والفرق قد يعسر فتدبر ا هـ. قلت: الظاهر أنه غير عسير لأن الدابة وما يتبعها من السرج ونحوه مظنة النجاسة لنومها على عذرتها وتمرغها بها فلو اشترط طهارتها لربما أدى إلى الحرج بخلاف المصلي إذ يمكنه خلع ثوبه المتنجس على أنه يندر بالنسبة إليها تأمل ثم رأيت بعض الفضلاء تعقب النهر بقوله الفرق أظهر من نار على علم وهو أنه لا ضرورة فيها على المصلي بخلاف ما في موضع الجلوس أو الركابين ا هـ. (قوله من الوتر إلخ) بيان لأنواع الواجب (قوله ولا يلزمه الإعادة إذا استطاع النزول) قال الرملي الظاهر أن هنا أي قبل قوله ولا يلزمه كلاما محذوفا وهو ويجوز من عذر تأمل ا هـ. (قوله والظاهر أن اعتبار المعين هنا إلخ) أي في قوله وكذا إذا كانت الدابة جموحا إلخ لكن فيه أنه لم يعتبر المعين إذ لو اعتبر لزمه النزول إذا وجد المعين نعم قوله أو شيخ كبير لا يجد من يركبه يدل بمفهومه على أنه لو وجد من يركبه يلزمه النزول فبدل على اعتبار المعين فالمسألة الأولى دلت على عدم اعتبار المعين والثانية دلت على اعتباره (قوله وينبغي أن يكون له ذلك) قد يقال بخلافه لأن الرجل في هذه الصورة قادر على النزول والعجز من المرأة ليس عذرا قائما فيه بل هو قائم فيها إلا أن يقال إن الكلام هو عند عدم إمكان ركوب المرأة إذا نزل الرجل وإذا كان كذلك يلزم من نزوله سقوط المحمل على الأرض أو عقر الجمل أو هلاك المرأة أو نحو ذلك فيكون عذرا قائما فيه راجعا إليه كخوفه على نفسه أو ماله تأمل (قوله وإذا صلى على الدابة إلخ) قال الرملي أي الفرض تأمل قلت لا حاجة للتأمل لأن الكلام في الفرض بدليل بقية عبارة الظهيرية من التفرقة بين حالة العذر وغيرها على أن المؤلف سيصرح قريبا بعد تمام العبارة بذلك (قوله أما الصلاة على العجلة إلخ) لينظر الفرق بينها في حالة عدم السير وبين المحمل إذا كان على عيدان على الأرض فإن العجلة التي طرف منها على الدابة مثل المحمل إذا كان على الدابة وتحته عيدان على الأرض فليتأمل ولعل المراد بالعجلة غير معناها المشهور فإن المشهور فيها ما في المغرب من أنها شيء مثل المحفة يحمل عليها الأثقال ولا يخفى أن هذه يكون قرارها على الأرض ولكنها تربط بحبل ونحوه وتجرها به البقر أو الإبل ولكن يراد بها هنا ما يسمى في عرفنا تختا وهو محفة لها أعواد أربعة من طرفيها مثل النعش تحمل على جملين أو بغلين (قوله وينبغي إلخ) قال في النهر لا حاجة إليه إذ المنتفى إنما هو كونه سجودا ا هـ. فليتأمل. (قوله وقوله من غير عذر) أي قول صاحب الهداية في تعليل المسألة. (قوله فشمل الرجال والنساء) أي خلافا لما قاله بعض الروافض من أنها سنة الرجال فقط كما في الدرر وعزاه نوح أفندي إلى الكافي ثم قال لكن المشهور عنهم أنها ليست بسنة أصلا قال في البرهان قد اجتمعت الأمة على شرعية التراويح وجوازها ولم ينكرها أحد من أهل القبلة إلا الروافض ا هـ. (قوله كما ثبت في الصحيحين إلخ) أي الحديث السابق عند قول المتن والأفضل فيهما رباع وفيه ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة قال في الفتح وأما ما روى ابن أبي شيبة في مصنفه والطبراني وعند البيهقي من حديث ابن عباس عنه صلى الله تعالى عليه وسلم: «كان يصلي في رمضان عشرين ركعة سوى الوتر» فضعيف بأبي شيبة إبراهيم بن عثمان جد الإمام أبي بكر بن أبي شيبة متفق على ضعفه مع مخالفته للصحيح ا هـ. قلت: أما مخالفته للصحيح فقد يجاب عنها بأن ما في الصحيح مبني على ما هو الغالب من أحواله صلى الله تعالى عليه وسلم هذا كان ليلتين فقط ثم تركه عليه الصلاة والسلام فلذا لم تذكره عائشة رضي الله تعالى عنها وأما تضعيف الحديث بمن ذكر فقد يقال إنه اعتضد بما مر من نقل الإجماع على سنيتها من غير تفصيل مع قول الإمام رحمه الله إن ما فعله عمر رضي الله عنه لم يتخرجه من تلقاء نفسه ولم يكن فيه مبتدعا ولم يأمر به إلا عن أصل لديه وعهد من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم هـ فتأمل منصفا (قوله ثم اختلفوا إلخ) قال الرملي أقول: على القولين يجب سجود السهو فتأمل ا هـ. قلت: هذا في السهو أما العمد فسيأتي أن انجباره بالسجود ضعيف (قوله والصحيح إلخ) قال الرملي إنما كان كذلك لكراهة الإمامة في النفل في غير التراويح فلما احتمل أنها عشرة وهذه زائدة عليها كان الأفضل كونها فرادى (قوله ثم صلى ما بقي على وجهها) أي قبل أن يعيد ذلك الشفع (قوله يقضي الشفع الأول لا غير) أي لأن كل شفع صلاة على حدة وقد خرج من الشفع الأول بشروعه في الشفع الثاني فلا يفسد ما بعد الشفع الأول فلا يلزمه إلا قضاؤه (قوله عليه قضاء الكل) أي كل التراويح لفسادها كلها لأن ذلك السلام لا يخرجه من حرمة الصلاة لكونه سهوا فإذا قام إلى الشفع الثاني صح شروعه فيه وكان قعوده فيه على الثالثة فإذا سلم كان سلامه سهوا بناء على السهو الأول فلم يخرج من الصلاة ولا يصح شروعه في الشفع الثالث وحصل قعوده وسلامه فيه على الخامسة سهوا وهكذا إلى آخر الأشفاع فقد ترك القعدة على الركعتين في الأشفاع كلها فتفسد بأسرها وقيد بالسلام ساهيا لأنه لو سلم عمدا لا يلزمه إلا قضاء الشفع الأول إجماعا وفهم من التوجيه المذكور أن الحكم مقيد بما إذا لم يتذكر أنه سلم في الأول على رأس الركعة إلى أن أتم التراويح حتى لو علم أنه سها وسلم على ركعة واحدة صح ما صلاه بعد العلم سوى ركعتين لكون سلامه بعدهما عمدا لا سهوا فكان مخرجا له عن التحريمة وإن كان على وتر فليتأمل كذا في شرح المنية للشيخ إبراهيم الحلبي (قوله كالثاني) صوابه كالأول كما رأيته في بعض النسخ مصلحا وما بحثه هو ظاهر قوله في شرح المنية ويبتنى على أنها تجوز بعد الوتر أم لا إنه إن فاتته إلخ ثم هذا مبني على أن المراد بالحكم المذكور اللزوم كما هو مقتضى التفريع وهو ظاهر قوله لأنه لا يمكنه الإتيان بعد الوتر أما إن أريد الأولوية فإنه يأتي فيه الخلاف الآتي في أن الأفضل الإتيان بالوتر بالجماعة أم في المنزل كما أشار إليه في شرح المنية ولكن قد علمت أن مبنى الكلام على اللزوم فهو يؤكد أن الصواب في العبارة ما قلنا لأنه لا لزوم على الأول والثالث (قوله وينبغي أن يكون مفرعا) أي ينبغي أن يكون هذا الخلاف مفرعا على الخلاف في وقتها فمن قال لا يصلون بجماعة يكون قد بناه على القول الثاني ومن قال يصلون بها يكون قد بناه على الثالث واستظهر الثاني في شرح المنية قال لأنه بناء على القول المختار في وقتها وقد علمت من هذا نكتة اقتصاره على الثالث دون أن يذكر معه الأول أيضا لما مر من عدم تصحيح أحد له فالظاهر بناء هذا القول على الثالث فقط وإن صح بناؤه على الأول أيضا تدبر (قوله معطوف على عشرون) أي فهو مرفوع والأظهر الجر عطفا على جماعة ليكون نصا في سنية الختم في الصلاة (قوله وليس فيه كراهة في الشفع الأول من الترويحة الأخيرة) قال الرملي لقراءته في الركعة الأولى منه بالنصر وفي الثانية منه بالإخلاص وفيه فصل بسورة تبت (قوله وتعقبه الشارح بأنه مستحب لا سنة) قال في النهر وهو ظاهر في ندبها على رأس الخامسة لكن في الخلاصة أكثرهم على عدم الاستحباب وهو الصحيح ا هـ. قلت إن أراد من الخامسة التسليمة الخامسة وهي المسألة الآتية عن الكافي فما ادعاه من الظهور ممنوع إذ لا تعرض له في كلام الشارح أصلا وإن أراد منها الترويحة الخامسة فكلام الخلاصة ليس فيها لأن نص عبارة الخلاصة هكذا والاستراحة على خمس تسليمات اختلف المشايخ فيه وأكثرهم على أنه لا يستحب وهو الصحيح (قوله ولا يخفى ما فيه إلخ) أقول: أظن أن لفظة ترك في عبارة الحلبي زائدة من بعض النساخ ألحقها استبعادا لأن يكون شأن الأئمة ذلك إذ شأنهم المساهلة ولعل ذلك كان في زمانه وإن ثبت ما قلنا يندفع الإيراد عن كلام هذا العلامة وإلا فهو كلام متهافت يبعد صدوره من أمثاله (قوله وقد قالوا إلخ) قال الرملي قال الحلبي ومن المكروه ما يفعله بعض الجهال من صلاة ركعتين منفردا بعد كل ركعتين لأنها بدعة مع مخالفة الإمام والصف ا هـ. قلت: لكن هذه الصلاة غير المذكورة هنا لأن هذه بعد كل ركعتين والمذكورة هنا بعد كل أربع. (قوله ورجح الأول في فتح القدير) قال الرملي وفي شرح المنية للعلامة الحلبي والصحيح أن الجماعة فيها أفضل إلا أن سنيتها ليست كسنية جماعة التراويح ا هـ. وهذا الذي عليه عامة الناس اليوم (قوله ولو صلوا الوتر بجماعة إلخ) قال الرملي علل له في الضياء المعنوي بأنها نفل من وجه حتى وجبت القراءة في جميعها وتؤدى بغير أذان وإقامة والنفل بالجماعة غير مستحب ولأنه لم تفعله الصحابة رضي الله تعالى عنهم بجماعة في غير رمضان ا هـ. وفي النهاية مثله وهذا كالصريح في أنها كراهة تنزيه تأمل.
|